2:56 م
الانتاج النباتي -
كتب الزراعة
كتاب : الدليل الارشادي الشامل لمشروع مزرعة إنتاج التين
برز التين (Ficus carica)، وهو فاكهة غنية بالفيتامينات وذات قيمة غذائية عالية، تُزرع في مناخات شبه استوائية ومتوسطية، كمشروع زراعي مربح، مع إمكانية تحقيق ربح كبير للفدان الواحد من زراعته. وتشهد هذه النباتات سريعة النمو، التي تُستهلك طازجة أو مجففة أو تُعالج لتُصنع منها منتجات ذات قيمة مضافة مثل المربيات، طلبًا عالميًا بفضل فوائدها الصحية وخصائصها المضادة للأكسدة. وتُحسّن تقنيات الزراعة الذكية الحديثة زراعتها من خلال الري المُحسّن وإدارة الموارد، إلا أن تحديات مثل انقطاع التيار الكهربائي وصدأ الأوراق تتطلب اهتمامًا.
أشجار التين، التي يصل ارتفاعها عادةً إلى 15-20 قدمًا، ذات خشب رقيق، تُنتج ثمارًا متعددة الاستخدامات بألوان زاهية، تتحول من غنية باللاتكس إلى حلوة المذاق عند النضج. قدرتها على التكيف مع المناخات المتنوعة - حيث تتحمل درجات حرارة منخفضة تصل إلى 10 درجات مئوية دون الحاجة إلى برودة شتوية - تجعلها مثالية للمناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، بما في ذلك جنوب شرق آسيا.
بالنسبة للمزارعين الذين يُقيّمون ربح زراعة التين للفدان، يبرز نظامان: نظام منخفض الكثافة (202 نبتة/فدان) بربح صافٍ قدره 18.75 مليون روبية نيبالية على مدى 20 عامًا، ونظام عالي الكثافة (450 نبتة/فدان) بعائد 33.55 مليون روبية نيبالية - بزيادة قدرها 79% - على الرغم من ارتفاع التكاليف الأولية. هذا المزيج من القيمة الغذائية، والقدرة على التكيف مع المناخ، والربحية المُثبتة، يجعل التين محصولًا استراتيجيًا للزراعة المستدامة والتجارية.
تحضير الأرض
يبدأ التحضير الجيد للأرض لزراعة التين بإزالة الأعشاب الضارة والحصى والحطام من الحقل، يليه حرث عميق (30-45 سم) لتحسين تهوية التربة وتسهيل تغلغل الجذور. بعد ذلك، يجب تسوية الأرض لضمان توزيع متساوٍ للمياه، مع إضافة مواد عضوية مثل السماد العضوي أو روث المزارع لتعزيز خصوبة التربة وتوفير العناصر الغذائية الأساسية لنمو مثالي لأشجار التين.
نوع التربة
بشرط توفر عمق كافٍ للتربة وتصريف مناسب، يمكن زراعة التين في أنواع مختلفة من التربة، بما في ذلك الرمل الخفيف، والطمي الغني، والطيني، والحجر الجيري. للحصول على أفضل النتائج، تُعد التربة الرملية-الطميية أو الطينية جيدة التصريف ذات مستويات عالية من المواد العضوية مثالية. البيئات المالحة أو الرطبة غير مناسبة تمامًا لزراعة التين، ويجب تجنب التربة الطينية الثقيلة لأنها تحتفظ بالكثير من الرطوبة وتسبب تعفن الجذور. يتراوح أفضل نطاق لدرجة حموضة التربة لإنتاج التين بين 6.0 و6.5، مما يشجع على نمو الجذور بشكل أكبر وامتصاص الفوسفات. التربة شديدة الحموضة ليست مناسبة لنمو صحي للنبات، بينما تُعدّ التربة متوسطة الخصوبة وجيدة التصريف وذات المحتوى العضوي العالي مثالية.
المتطلبات المناخية
تُعدّ المناطق الدافئة، بدرجات حرارة مثالية تتراوح بين 20 و35 درجة مئوية، مثالية لنمو التين. يحتاج التين إلى 600-1000 ملم من الأمطار سنويًا، مع مراعاة عدم الإفراط في رطوبة التربة أثناء الإثمار لتجنب انقسام الثمار. ولأن الرطوبة العالية قد تُشجع على الإصابة بالأمراض الفطرية التي قد تُضر بصحة النبات وجودة الثمار، فإن هذه النباتات المُحبة للشمس تحتاج إلى التعرض لأشعة الشمس المباشرة لمدة ثماني ساعات على الأقل يوميًا لإنتاج أفضل إنتاج. تُشكّل درجات الحرارة الدافئة، وهطول الأمطار المعتدل، وأشعة الشمس الوفيرة، والرطوبة المتوازنة، الظروف المثالية لنمو التين المثمر.
الزراعة
يتزايد اعتماد زراعة التين (Ficus carica) في كل من البيئات الخارجية التقليدية والبيئات المُتحكم بها في البيوت الزجاجية، بفضل الاستجابة الإيجابية القوية للمحصول للتقنيات الزراعية. في حين تُعاني الزراعة في الحقول المفتوحة من مشاكل مثل الإصابة بالآفات، وتفشي الأمراض، وتلف الثمار الناجم عن هطول الأمطار، والممارسات الزراعية غير الملائمة التي تُؤثر سلبًا على جودة وكمية الإنتاج، تُقدم الزراعة في البيوت الزجاجية بديلاً فعالاً.
تُظهر الزراعة المحمية مزايا كبيرة، بما في ذلك زيادة الإنتاجية بشكل كبير (ربما عشرة أضعاف)، واستمرار الحصاد السنوي، وتوفير حماية موثوقة من الظروف المناخية القاسية. تشير الأبحاث إلى أن التين المزروع في البيوت الزجاجية يُمكن أن يحقق أكثر من خمس دورات حصاد سنويًا، حيث تُحسّن الظروف المُتحكم بها نمو النبات، وتكوين الأزهار، وخصائص الثمار. يُثبت هذا النهج قيمته بشكل خاص في المناطق الاستوائية المُعرضة لهطول أمطار غزيرة ورياح قوية، حيث يُوفر غلات أكثر ثباتًا وأعلى جودة من طرق الزراعة الخارجية التقليدية.
أ) موسم الزراعة
يُعد الربيع (فبراير-مارس) أو بداية موسم الرياح الموسمية (يونيو-يوليو) الموسم الأمثل لزراعة التين، حيث تكون درجات الحرارة معتدلة، مما يُجنّب فترات الحرارة الشديدة أو الصقيع التي قد تُرهق النباتات الصغيرة وتُعيق نموها. تُوفّر هذه المواسم ظروفًا مثالية لنمو الجذور والتأقلم، حيث تستفيد زراعات الربيع من مواسم النمو الدافئة، بينما تستفيد زراعات الرياح الموسمية من الأمطار الطبيعية للري الأولي، بينما يضمن التوقيت الدقيق الحماية من درجات الحرارة القصوى التي قد تُضر بصحة النبات ونموه المبكر.
ب) التباعد
بالنسبة لزراعة التين التقليدية منخفضة الكثافة، يُراعى الحفاظ على مسافة 5 أمتار بين الصفوف و4 أمتار بين النباتات لتوفير مساحة كافية لنمو الغطاء النباتي وتدفق الهواء. أما أنظمة الزراعة عالية الكثافة التي تستخدم أصنافًا قزمة، فيمكنها اعتماد مسافات أضيق (3 أمتار × 3 أمتار)، مما يزيد بشكل كبير من عدد النباتات لكل فدان، مع الحاجة إلى إدارة أكثر تكثيفًا للتقليم والري للحفاظ على صحة النبات وإنتاجيته. يعتمد اختيار التباعد على قوة الصنف، وخصوبة التربة، وكثافة الزراعة المطلوبة. يوفر التباعد المتقارب غلة مبكرة أعلى، ولكنه يتطلب تحكمًا أفضل في الغطاء النباتي على المدى الطويل.
ج) تحضير الحفرة
لتحضير الحفرة بشكل صحيح، احفر حفرًا بأبعاد 60 سم × 60 سم × 60 سم، وأضف إلى التربة السطحية المحفورة 10-15 كجم من السماد العضوي جيد التحلل، و500 غرام من السوبر فوسفات الأحادي (SSP)، بالإضافة إلى مُلقحات ميكروبية مفيدة، بما في ذلك 50 غرامًا من فطريات التريكوديرما، و50 غرامًا من الأسمدة الحيوية المركبة التي تحتوي على بكتيريا تثبيت النيتروجين، وبكتيريا إذابة الفوسفات، وبكتيريا تحريك البوتاسيوم، وذلك لتهيئة بيئة نمو مثالية لشتلات التين، مما يضمن توافر العناصر الغذائية بشكل مناسب ونشاطًا ميكروبيًا في التربة منذ مرحلة التأسيس.
د) طريقة الزراعة
لزراعة شتلات التين (سواءً كانت مزروعة بالأنسجة أو عُقلاً)، ضعها بعناية في وسط الحفرة المُجهزة، ثم املأ المساحة المحيطة بخليط التربة المُخصّب مع تثبيته برفق حول الجذور لإزالة أي فقاعات هوائية. اسقِ التربة فورًا بغزارة لضمان استقرارها وضمان التلامس السليم بين الجذور والتربة لضمان نمو مثالي. تُعزز هذه الطريقة نمو الجذور بشكل صحي، وتمنح النباتات الصغيرة أفضل بداية في بيئتها الجديدة.
هـ) عدد النباتات في الفدان
يختلف عدد نباتات التين في الفدان بشكل كبير حسب نظام الزراعة المُستخدم، حيث تستوعب الزراعة التقليدية منخفضة الكثافة حوالي 202 نبتة/فدان باستخدام مسافات قياسية (5 أمتار × 4 أمتار)، بينما يمكن للأنظمة الحديثة عالية الكثافة التي تستخدم أصنافًا قزمة أن تدعم ما يصل إلى 450 نبتة/فدان بمسافات أضيق (3 أمتار × 3 أمتار). هذا النهج المُكثّف يُضاعف أعداد النباتات تقريبًا، مع الحاجة إلى تقنيات تقليم وإدارة متخصصة للحفاظ على صحة النبات وإنتاجيته في مساحة النمو المحدودة.
الزراعة البينية
يمكن ممارسة الزراعة البينية في بساتين التين خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأولى، وذلك بزراعة محاصيل قصيرة القامة متوافقة، مثل البقوليات (الفاصوليا والبازلاء)، والثوم والبصل، أو الخضراوات سريعة النمو، بين أشجار التين، مما يُحسّن استغلال المساحة ويحسن خصوبة التربة من خلال تثبيت النيتروجين (في حالة البقوليات) ومكافحة الأعشاب الضارة. مع ذلك، يجب تجنب زراعة المحاصيل الطويلة التي تُظلل أشجار التين الصغيرة، لأنها تتنافس على ضوء الشمس. ويجب التوقف عن هذه الممارسة بمجرد نضج أشجار التين (عادةً بعد 3-4 سنوات) لمنع التنافس على العناصر الغذائية والمياه مع اكتمال نمو مظلة التين. يُحسّن هذا النظام الاستراتيجي للزراعة البينية استخدام الأراضي خلال فترة التأسيس، مع إعطاء الأولوية لنمو أشجار التين عند النضج.
الري
خلال الأشهر الثلاثة الأولى، تحتاج شتلات التين الصغيرة إلى الري مرتين أسبوعيًا لضمان نضجها بشكل مناسب. في المقابل، تحتاج الأشجار الأكبر سنًا، والتي تتميز بتحملها للجفاف، إلى الري كل 10 إلى 15 يومًا خلال فترات الجفاف الطويلة للحفاظ على إنتاجية مثالية للثمار. يُعد الري بالتنقيط التقنية الأكثر فعالية، إذ يقلل من الهدر ويخفض خطر الإصابة بالفطريات مع إيصال الماء مباشرة إلى منطقة الجذور. مع ذلك، يجب تجنب التشبع بالمياه بأي ثمن، خاصةً في التربة سيئة الصرف، لأن الرطوبة الزائدة تُشجع على تعفن الجذور وغيره من الأمراض التي تنتقل عبر التربة.
الأسمدة و التسميد
تُضاف الجرعة الأساسية مرة واحدة فقط أثناء تحضير الحفرة، بينما تُضاف الأسمدة السنوية على 3 جرعات متساوية في مارس ويوليو وأكتوبر لضمان امتصاص مثالي للعناصر الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، يُنصح برش الأوراق بالعناصر الدقيقة بشكل خاص خلال مراحل النمو الحرجة مثل الإزهار ونمو الثمار لتحسين جودة المحصول ومعالجة أي نقص في العناصر الغذائية.
الحصاد
يبدأ التين عادةً بإثماره بعد عامين من زراعته، ويدل على نضجه قوامه الناعم، وانحناء طفيف، وتغيرات في اللون تبعًا للصنف. يجب الحصاد يدويًا بعناية لتجنب الكدمات. تنتج الأشجار الصغيرة (3-5 سنوات) ما بين 5 و10 كجم لكل شجرة، بينما تنتج الأشجار الناضجة (6 سنوات فأكثر) ما بين 20 و50 كجم لكل شجرة. لتخزين التين طازجًا في السوق، يُحفظ في درجة حرارة تتراوح بين 4 و7 درجات مئوية، أو يُجفف في الشمس للحفظ.
---------------
------------------
ليست هناك تعليقات:
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.