مذكرة: التحكم بالأمراض التي تسببها الطفيليات القشرية عند الأسماك في مزارع الأسماك
خلال العقد الماضي تضاعف الإنتاج السمكي في سورية والعالم على الرغم من زيادة موازية في وقوع العديد من الأمراض الطفيلية التي تنتقل مسبباتها من خلال الأحياء المائية والتي تم توثيقها وتصنيفها وتسجيلها مع بعض الطفيليات الناشئة أو التي تم اكتشافها والتي ينظر إليها على أنها مخاطر جسيمة على الإنتاج السمكي ، وقد تم إجراء العديد من الأبحاث في التحكم بالأمراض التي تسببها الطفيليات بشكل عام والقشرية منها على وجه الخصوص والإمراضية ودورة الحياة وانتقال الأمراض ومعالجتها وازدياد المعرفة وبشكل واسع بعلم المناعة لدى الأسماك والأجهزة المناعية والاستجابة المناعية ضد الأمراض الطفيلية ، كل ذلك في محاولة لوضع استراتيجيات محددة لمكافحة أمراض الطفيليات ومعالجتها بشكل عام ،بالإضافة لذلك المخاوف البيئية في العالم أصبحت قيود مهمة في طريق مزيد من التطور والتنمية في تربية الأحياء المائية .
تعد الأسماك أحد مصادر البروتين الحيواني التي قد تسهم تنميتها في تحقيق التوازن النوعي في الغذاء بتكلفة منخفضة وبكفاءة استثمار عالية مقارنة ببدائل مصادر البروتين الحيواني الأخرى، فاللحوم الحمراء يقف أمام تنميتها محددات مختلفة كمحدودية الرقعة الزراعية لتوفير الأعلاف وانخفاض الكفاءة الإنتاجية للسلالات المحلية، والنقص في السلالات المتخصصة في إنتاج اللحوم والانخفاض النسبي في معامل التحويل الغذائي لها، أما بالنسبة للحوم البيضاء والتي تشير المؤشرات الاقتصادية إلى إمكانية زيادة إنتاجها بكميات كبيرة، فان إنتاجها يواجه بالكثير من المعوقات أيضاً لعدم توافر الأعلاف بدرجة كافية وحساسية مشروعات الدواجن للظروف البيئية والمرضية وارتفاع عنصر المخاطرة في مشروعاتها، وقد اتجه التفكير إلى تنمية الثروة السمكية في العالم العربي وفي سورية على وجه الخصوص كمصدر رئيسي من مصادر البروتين الحيواني، خاصة وأن الفرد العربي يستهلك في المتوسط حوالي 7.2كغم ⁄ سنة وهو ما يشكل معدلاً منخفضاً مقارنة مع المعدل الأدنى المحدد من قبل منظمة الصحة العالمية والذي يقدر بنحو 15.7 كغم ⁄ فرد ⁄ سنة .
وصناعة الزراعة المائية أخذت بالتعاظم في مختلف البلدان وخصوصاً في البلدان الأسيوية والبلدان النامية والهدف الرئيسي توفير غذاء غني بالبروتين الحيواني، والزيادة في الكثافة السكانية أحد أسباب تطور هذه الصناعة والحاجة لها والطلب المتزايد وحاجة السوق لمصادر البروتين الحيواني وهذه الصناعة هي الأسرع نمواً من بين الصناعات الأخرى ، ولا تقتصر الأهمية النسبية للثروة السمكية في الاقتصاد القومي العربي على كونها احد مصادر الدخل وخلق فرص العمالة، بل في كونها أحد مصادر البروتين الحيواني وخاصة أنّ المعروض منه لا يتماشى مع الطلب المتزايد عليه بسبب الزيادة السكانية والارتفاع في مستوى المعيشة، وما يترتب على ذلك من وجود فجوة استهلاكية في البروتين الحيواني ، وتشكل الأسماك مؤشر لصحة الأنظمة البيئية والقيمة البيئية للمياه و إنتاجية النظم البيئية المائية التي تحافظ على الثروة السمكية ، تختلف أنواع الأسماك بتأثرها بالمتغيرات البيئية وذلك كون الأسماك بتماس مباشر وبشكل مكشوف مع التغيرات البيئية، وتتضمن هذه التغيرات ( درجة الحرارة T°– درجة الحموضة pH– ملوحة البيئة المائية S‰ – توفر الأوكسجين المنحل بالماء O2– نسبة غاز ثاني اوكسيد الكربون CO2 – مدى توفر القاعدة الغذاء)، ونتيجة لذلك تظهر الأسماك ردود تكيفيه، وذلك للوصول إلى عتبات عالية من التحمل لهذه الظروف، علماً بأن الأسماك لها القدرة على التغلب على السموم والتغيرات البيئية، وفي حال عدم التأقلم تموت الأسماك، والأعراض والمؤشرات الدالة على عدم التأقلم والتي تظهر على الأسماك هي مجرد ردود أفعال لتلك المتغيرات البيئية في أحواض الأسماك.
وهذه الشروط تتراوح من المواصفات الفيزيوكيميائية لمياه الأحواض إلى وجود إصابات طفيلية، بالإضافة لغذاء غير متوازن وفقير بتركيز البروتين، والطفيليات عموماً والقشرية منها خصوصاً هي مسببات لأمراض خطيرة لمعظم أنواع الأسماك المستزرعة وغير المستزرعة والتي تعيش في بيئاتها الطبيعية هذه المجموعة الطفيلية تعيق نمو الأسماك وتحول دون تناولها للعلف خصوصاً في المياه الملوثة بملوثات صناعية، وانخفاض التغذية من مسببات الأمراض الطفيلية وانتشارها والذي ينتج عنها خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة انخفاض القيمة التسويقية للأسماك بسبب الآفات المرضية الناتجة عن الطفيليات، وهذا ما يشكل قلق دائم عند المزارعين والمنتجين في المزارع السمكية ، وارتفاع شدة الإصابة بالأمراض الطفيلية والكثافة العالية للعدوى في المزارع السمكية مرتبط بنوعية المياه والإدارة غير السليمة والعوامل البيئية والبيئات المائية غير المناسبة، والتي تساهم في انتشار الطفيليات وخاصة الخارجية منها بسبب ميل هذه الطفيليات لهذا النوع من البيئة، وكما أن طفيليات الأسماك تشكل جزأ لا يتجزأ من الأنظمة البيئية المائية، وهم شركاء في الأحواض السمكية في الشروط الطبيعية وليس من الضرورة أن تكون هي مسببات مرضية والأمراض التي تسببها الطفيليات القشرية ستظهر أكثر بكثير في المزارع السمكية التي تتعرض لعوامل إجهاد بيئية عديدة والتي تؤثر على قدرة الأسماك على الحماية الذاتية عملياً وتفعيل آلياتها الدفاعية الذاتية ضد الأمراض الطفيلية بشكل عام .
إن أكثر المشاكل الصحية للأسماك هي مسبباتها مشاكل بيئية ومنها / نوعية المياه غير الملائمة والكثافة في الاستزراع السمكي، التغذية على المخلفات الغذائية الفاسدة، والإجهاد، وارتفاع درجات الحرارة / وأفضل علاج لأية مشكلة مرضية في مزارع الأسماك هي إدارة المياه الجيدة ( نوعية المياه، غذاء سليم وصحي، تربية منخفضة الكثافة يؤدي إلى تربية جيدة ومنتج نوعي )، وتقنيات حصاد الأسماك الصحيحة، والتماوج المناخي وتغير المواصفات الفيزيو كيميائية المفاجئة لمياه أحواض التربية يعرض الكائنات الحية للإجهاد، والإجهاد من أكثر العوامل المؤثرة على النظام المناعي ورد الفعل المناعي أو التفاعل المناعي لدى الفقاريات والانخفاض في معدلات النمو وسوء تغذية أو نشاط متزايد للأسماك والذي يقود إلى انخفاض مصادر الطاقة .
ليست هناك تعليقات: